#أرتميس!!

أنهيتُ قراءة الرواية، وعلى قدر استمتاعي بها على قدر انزعاجي من طريقة ترجمتها .. لا أظنُّ هذه أفضل ترجمة قام بها نادر أسامة..

مشكلتي أنها تبدو أشبه بترجمة حرفية للكلمات، وليست ترجمة متكاملة للكلمات ولروح النص إلى السياق العربي.. لعلّ أول ما لاحظته هو ترجمة التعبيرات الانجليزية المفهومة في ثقافتها الأم؛ ترجمة حرفية لا يمكن فهمها لقارئ العربية مالم يكن مطّلعًا على اللغة والثقافة الأصلية، وحتى لو كان كذلك سيحتاج إلى بعض المجهود ليسترجع التعبير الأصلي الذي حاول المترجم ترجمته ..

على سبيل المثال؛ في صفحة 278 ورد تعبير “الأصدقاء ذوي المنافع” (بين قوسين ) ولأنني أقرأ بالعربية فما ورد لذهني هو فهمًا للتعبير في سياقٍ عربي؛ يختلف تماما عن المقصود في السياق الأمريكي.. هذا التعبير مترجم حرفيا فيما يبدو ترجمة غير جيدة كذلك.. فتعبير friends with benefits لا يعني أصدقاء ذوي منافع ، قدر ما يعني “أصدقاء منفعة” والمنفعة المقصودة هنا هي منفعة جنسية.. ولأن هذا التعبير لا يوجد في الثقافة العربية؛ بفضل الله ، فبالتالي كان يحتاج إلى مجهود أكبر من المترجم لنقل المقصود في النص الأصلي، بدلا من الاكتفاء بترجمة حرفية غير دقيقة.

قرار ترجمة الشتائم التي تزخر بها الرواية ترجمة حرفية بغض النظر عن علاقة هذا بالثقافة العربية وتلقي القارئ العربي الذي يفترض أنه غير مطّلع على الثقافة الأمريكية ؛ لم يُعجبني الحقيقة، ولعلّ غرضه كان الاستسهال .. بعض من الألفاظ التي استخدمت ( كترجمة حرفية لنظيرتها الإنجليزية) تحمل معانٍ متباينة في الثقافة العربية.. مثلا كلمة shit ترجمت أحيانًا إلى هراء ؛ (you’re full of shit أنت مترع بالهُراء)ص 32(اتفق مع هذا، ولعل ترجمة الجملة بهذه الطريقة هي ترجمة مشهورة) لكن الكلمة في أوقات أخرى تُرجمت حرفيا بطريقة لا تُفهم في داخل السياق العربي، أو تُفهم بكثير من الانزعاج ، وباستحضار اللغة الانجليزية ، مثلا في صفحة 168- (إلا أنه لم يكن خلاصًا كان خراءً، لقد خطوت إلى الخراء) هذا تعبير غير واضح أو مفهوم في السياق العربي، بالإضافة إلى انه تعبير مزعج.. ولفهمه يجب استحضار التعبير الأصلي I stepped into shit . وحتى باستحضار النص الأصلي ، ستبقى الترجمة الحرفية غير دقيقة ، والسبب هو وجود تعبير آخر من السياق العربي يتماس مع هذا التعبير هو( داس في الخراء) وليس خطى إليه .. والتعبير العربي (داس أو دعس ) لا يتفق مع المعنى المقصود في سياق الحدث في الرواية ، بالتالي لا تصلح الترجمة الحرفية هنا، وكان يفضل استخدام تركيب لغوي آخر؛ مثلا ( لم يكن خلاصا ، كان هلاكًا ، لقد خطوت إلى الهلاك) ربما يوفي بالمطلوب .. بالإضافة إلى أنه أقرب لنفسية القارئ العربي ولن يشعر معه بالغربة، مثلما سيشعر تجاه الترجمة الحرفية التي تثير اللخبطة .. المشكلة أن مثل هذا القرار، قرار طريقة ترجمة الشتائم، كان قرارا مهما لأنه يتداخل تماما مع طبيعة الشخصية الرئيسية للرواية والراوية في نفس الوقت وطريقة وصفها للمواقف والأشياء ، وفي تحديد نغمة او tune الرواية نفسها من أولها لآخرها ..

هذا بخلاف التركيبات اللغوية غير المُريحة المنتشرة على طول الرواية، مثل تعبيرات (فقدان ضغط)-ص32 وغيرها، (جيزمواتهم)-ص113..

لا أريد أن أتتبّع مشاكل الترجمة واحدة واحدة ، حتى لا أكون متجنيًا .. فالترجمة بشكل عام مُرضية ولم تمنعني من استكمال القراءة، ولكنها أدنى كثيرا من توقُعي لترجمات نادر أسامة التي قرأتها سابقا .. مثلا ترجمته لكثيب ، هذه ترجمة يجب تدريسها .. لغة جميلة ، واهتمام بالتفاصيل يوشك أن يكون هوسًا ..

في قراءتي للترجمات ، ما يهمُني هو اسم المترجم ، أذكر أنني حين وجدت ترجمة (أورديسا) لمارك جمال ، اشتريت الكتاب دون أن أعرف حرفًا عن الكتاب ، ودون أن أدقق حتى في اسم الكتاب أو مؤلفه ، والسبب أن مارك جمال مترجم مذهل فعلا توشك أن تكون ترجماته نصوصًا أصلية في حد ذاتها ، ويتمتع بلغة مرهفة وجميلة ويترجم من لغة لا أعرف منها حرفًا ، وبالرغم من هذا أشعر في ترجمته بالألفة والجمال ..

هناك مترجمين أدقق كثيرا في أعمالهم قبل أن أقرر قراءتهم ، بالرغم من أن ترجماتهم لا بأس بها ، لكنها غير متميزة في شيء .

بعض المترجمين لا أمس ترجماتهم مهما كانت رغبتي في قراءة الكتاب ، مثل سيء الذكر مُخرّب الأعمال الأدبية أوليغ عوكي ، وكذلك مركز التعريب والبرمجة وفالح الحمراني ..

ملخص ما أريد قوله أن الترجمة لا بأس بها ولكنها ليست رائعة.. وأشعرتني أن المترجم غير منخرط في الثقافة العربية قدر انخراطه في الثقافة الأمريكية .. بالتالي لم يستطع التواصل معي كقارئ عربي بشكل فعّال، وإنما شعرتُ كقارئ عربي بالطرد أو الزجر بعيدا..

#آرتميس